الشاعر الصيني \ السويدي لي لي .. صليب فضي يحلق فوق نهر من النفط \ نصوص




 
 . لي لي, شاعر ومترجم صيني\ سويدي ولد في شنغهاي عام 1961  . يعيش في السويد منذ عام 1988 ويكتب باللغة السويدية 

ترجمة عن السويدية : علي ذرب 



الأم والجدار والأبدية 


بينما كانت تقف فوق سور الصين العظيم، جعلتْ الشمس من السور غصناً ذهبياً وجعلت من وجهها زهرة . 

هي لم تمت ! هي ما زالت على قيد الحياة ! 

أتمتم أمام صورتها القابعة في يدي . 


كان رواد الفضاء الأمريكيين يرونها من القمر أصفاداً، أو تمثال الحرية الذي يلقي عند غروب الشمس بظلاله في الماء . 


فليحيا ( تشي هي هوانك  الذي وحّد الصين قبل الفيّ عام والذي سمح ببناء الجدار وتوحيد العملة وهو من يدع اليورو يعلو 

كشمس الصباح وهو من جعل الناس الملونين يتحدثون الانجليزية . 

لقد حول البدلات البلجيكية السوداء الى جيش من الطين لا يُقهر، جيش يسير في ممرات مُضاءة ويهدر صارخاً نحن قلب   المملكة الصريح ! نحن سور الامبراطورية ! 

ثمة صليب فضي يهتز بحرية، لكنه فجأة يحلق عالياً فوق نهر من النفط، وفوق جدار متعرج يمسك بقبضته الحقول من حوله، ثم يحطّ فوق الأرض ليلتصق بظله، لكن الظل ينتشر كالفيضان مغرقاً كل شيء، فينطفئ العالم .

 

تقول الممثلة الألمانية مونيكا كليبه، ذات يوم حولتُ جدار برلين الى ديزني لاند وقد أحب الناس ذلك، لكن الجدار ما زال في   مكانه يتلألأ في ضوء القمر . جدار بروح جديدة تزحف عليه ظلال وهي تصرخ لا نريد أن نتضور جوعاً ! 

الى مطر من رصاص مطاطي يتحول صراخ الناس، صراخ تهدر أصداءه في البلدان المجاورة . 

بينما العاهرات تبني جداراً من أجسادهن تحت ضوء القمر أو أضواء المصابيح، يهمسن نحن سعيدات وقويات مثل مكدونالدز . 

لكن ما أسمعه الآن ليس همساً بل هو صراخ أم . 


أما بوزوليني الذي كان حين تنهمر فوقه القبضات، يصرخ دون انقطاع يا أمي ! وبدل أن تصبح كلمته الأخيرة تلك جداراً يحميه من الموت كذلك   الجدار الذي تصدى ذات مرة لجياد البرابرة، تحولت صرخاته الى عملات نقدية باردة في سماء معتمة . الى صدى، الى خاتم  

ذهبي يتضخم . 


*


الارث 


في غابة تحت المطر 

كنتِ تتلفتين نحوي صارخة بي 

أن أتقدم 

بينما الطريق الجبلي كان ملتوياً

وسط الغيوم الرمادية 

كان هناك أيضاً رائحة بخور 

حين وصلنا الى هناك 

قالت امرأة ترتدي السواد 

بقدمين مدّثرتين 

ها هنا يرقد جدك 

الذي رغب دائماً بلقائك 

ثم ركعتِ على ركبتيك وأصبحت 

شاهدة قبر مُبكية 


فوق أخاديد لوح الغسيل ركعتُ 

كما لو أنني معاقباً 

بينما كان يتعالى صوتك 

هكذا ستصبح رجلاً نبيلاً ! 

شمس آب كانت تمتطي ظهري 

وسط غناء الزيز 

بدوتُ حينها كما لو أنني 

نسر يحلق 

وفي نهاية المطاف تحولت 

الركبتين المتورمتين الى معاناة، دوار 

الى ابتسامة فوق وجه بوذا المسالم . 


*


الدجاجة الأشهى 


بينما كنتِ تقومين بشحذ السكين 

كنتُ أتناول الرز دون قلق 

ذلك الرز الذي يكون أشهى 

حين أتناوله من يديكِ

كنا قد اشترينا عشر دجاجات 

ثلاثة منهن فقط من نجا من الموت 

حينها كان يردد أبي 

الذي خرج للتو من السجن 

معاناة الدجاج في البقاء على قيد الحياة 

هي ذاتها بالنسبة لي 

اذا أنضممتُ الى صفوف الحزب 

أبي الذي يعينكِ الآن 

على اختبار نصل السكين بابهامه 

مددت ذراعك فتقدمت الدجاجة 

نحوك في الحال 

قبضت عليها، ممسكة اياها من عنقها 

مثلما يعصر المرء حبة ليمون 

حتى تشنج كامل جسدها 

ونالت الهدوء الأخير 

بينما الدم المتناثر فوق الأرض 

صار مرآة 

هناك حيثما تقف الغيوم 

رفعتِ الريش من وعاء الماء الساخن 

بالسرعة ذاتها التي تعصف 

فيها ريح الخريف بشجرة 

وحين ارتفع قمر دائري كبير 

كانت قد وُضعت الدجاجة أمامنا مطهوة 

ومغطاة بصلصة حمراء داكنة 

يوم أمس بعد زيارتي لكاتدرائية قديمة 

حلمتُ أنني كنتُ أقاتل قطيع حمام 

من أجل حبات الذرة 

وسط الساحة  

أتذكر أنني ذرفتُ الدموع

بينما كنت أتناولها . 


*


فن العيش، رسالة من أمي 


تستطيع أخذ ندف الثلج 

الى الأمطار الاستوائية 

يمكنك حمل الحدود بيديك 

الى البلدان المجاورة 

ويمكنك الحصول على رؤوس 

الأطفال الدامية 

التي نراها في التلفاز 

بدل الكرات الممزقة 

لقد متُّ، فلا شيء يمكنه أن يُفجعني 

بعد الآن 

لا شيء يستحق البكاء عليه ! 

لكنني مازلت آمل 

أنك ستتمكن من البكاء 

عندما تقّبل حبيبتك الأوربية 

تحت قمر (لي باي) المشع 

وأن دموعك لن تكون مثل دموع 

ذلك الامبراطور الذي كان يبكي 

بعدما سمح بقطع رأس خادمه المفّضل 

أن تتعلم كيف تحبس دموعك 

أن الحملان لا ترعى في الحقول 

الا لكي تمتلئ الأسواق بلحمها 

وأن الرجل الحكيم 

هو من يتجاهل النار 

وأنت شمعة بلهب لطيف 

هربتْ من الطاولة الى المنفى . 

*

عشية عيد الميلاد ١٩٩٧


في المساء أرى الثلج يتساقط 

مثلما كان يتساقط قبل عشرين عاماً 

حينها كان ظهركِ مضاءً بضوء المصباح

 وبيدكِ الابرة، تمضي في سترتي القطنية 

التي كنت أرتديها عند ذهابي الى المدرسة 

وأنا أشارك في المظاهرات 

والشجارات أيضاً 

ومثلما تغادر الفرّاشة الشرنقة 

تركتها ورحلتُ الى أماكن 

لن تصل اليها إبرتك 

الحانة في المساء 

هي سترتي الصوف التي تُدّفئني 

بينما أرى القطن يغادرها 

ليكون خصّلات متناثرة فوق الأرض 

وهاهي تلاحقني في العام الجديد

فأداعبها وأشمها 

بوجه بارد ومكشوف . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قطرةُ حبر تتدلى من السماء \ نصوص الشاعر السويدي : لارس فورسيل \ ترجمة عن السويدية علي ذرب

نصوص فكتور يوهانسون .. طائر ينام في مظلة \ ترجمة عن السويدية علي ذرب

نصوص الشاعر السويدي بيتر نيبيرغ / ترجمة عن السويدية علي ذرب