غونفور هوفمو .. كقلب طائر سينفجر عما قريب \ نصوص



 غونفور هوفمو: شاعرة نرويجية 

ترجمة عن السويدية : علي ذرب


رسالة من أحلامي


حالما انتهيتُ من الكتابة اليكَ، تذكرتُ انه قد مر زمن طويل على وقوفي في ذلك الغروب، منتظرة فوق ثلج قذر، بينما الجد كان يرمي لي من النافذة برتقالة لم أتمكن حينها من تقشيرها بأصابعي المتجمدة. كتبت اليك، أنك تعرفني وتعرف أن هذا الصمت المريع ليس صمتي، انما هو صمت قادم من مكان بعيد، هناك حيث كبارُ السن لن يولدوا مرة أخرى, يجلسون فقط جاثمين بصمت مجهول. كتبت اليك، بينما كان يتوجب عليّ أن أبتسم لتاج من الأشواك، أن أبتسم لصليب وأن أواجه بابتسامة تلك الرموز المتقنة للمعاناة والموت، ولكل الأشياء التي لا شكل لها، التي انفجرت في ضباب من الآلام التي لم تُكتشف بعد، هي أشياء لا تملك أي صليب أو هالة من الأشواك . ربما هي جنة بلا عينين، بلا شكل أو وجود.

كتبتُ اليك، بانني لا أبالي ان كنت ستأتي أم لا. فكم مضى من الوقت على طفولة كنتُ أنتظر فيها في ذلك الغروب أن تُفتح من أجلي نافذة ؟كم من الوقت كان عليّ الوقوف هناك، وأن أحدق بتلك النافذة التي تبرق ؟ وفي النهاية أمضي نحو زاوية شارع في ذلك الظلام حيث تنتظرني أيادي الجشعين، وشفاه زلقة تبتسم لي باطمئنان وحين أعود من هناك ثانية، كنت أرغب بالاستحمام ولكن لماذا ؟ لم يعد بالإمكان أن أرى وجهك في تلك النافذة المعتمة، وجهك الشيء الوحيد الذي يشبه ذلك الصفير المرعب من احتكاك الفراغ بحجارة الليل الباردة، كم كنت أعتقد أن ذلك يحدث في عالم آخر ! ورغم أنني لم أعد أرى وجهك، الا أنه يشبه غشاء من حزن يتأرجح أمامي، ألمسه فأشعر حينها انه ينبض كقلب طائر سينفجر عما قريب .

 

**

ليس هناك حياة بعد الآن

 

إلهي، أما تزال ترى

ألا حياة هنا بعد الآن

هناك فقط صراخ مكتوم

وجثث سوداء

معلقة بأشجار بلون الدم

نمنحها ظهورنا ونحن نمضي عائدين

الى المنزل

لكننا نقابلها على الدوام

كل ما نشعر به الآن

هو أنفاس الموتى

اذا كنا نقف في غياهب النسيان

فهذا يعني أننا نمشي على رمادهم

إلهي، اذا ما كنت ترانا الآن

لم يعد لدينا أي حياة . 

 

**


الخادم


كتبتُ طوال حياتي بطرق جديدة، بازدراء عالق في بلعومي، ومرارة كما لو أنها جدار متين يقف بثبات قُبالة كل شيء لا يموت . شعرتُ بكل الأشياء وأنا اعيدها اليّ ثانية، حيث عادت الأيام القاسية، عاد النوم، والكلمات استعادت شكلها من جديد . لقد هرب السراق وسعى الله لملاقاتهم ببركاته . خسرت حكمتي وحصلت عليها ثانية. وقاحة المترجمين ! سرقات المترجمين ! دائما كان هناك شيء ما .

انا لا أؤمن بالله وأؤمن وسأؤمن به على الدوام . الموت يقف برفقة حصان قبالتي، موت من المحال تقبله، في شتاء ما بنجوم تجتر دمي وانعكاس من فضاء الألم . شعرت بالله كما لم يشعر به أحد من قبل . ها أنذا أشحذ اللمعان في عيون خدّامه الذي يفرغون مخاطهم فوق طعامه الذي هو من دموع وأصفاد، دموع العائلة اللعينة . ولأنني واحدة منهم، عليّ تناوله . نحن نتقاسمه جميعاً ان كنا أخوة أو أخوات، هكذا هو الحب .

 

**

لن أعرف أي قضاة بعد الآن


دائماً ما أصادف ظلي الداكن ذو الخطوات الشيطانية الذي يهرب كلما وقفت روحي بابتسامتها العارفة بكل شيء . يكون من حولي في الشوارع، في الليالي، في ترانيم الأصفاد وفي الألم اللامحدود بعد الشعور  بالحرية . في كل مرة أنتشل فيها أحد من الوحل كان ظلي يقتل توأمه، لكنه متزوج بالسر من حشرة . ليس له روح، يرى فقط الصلب الذي يحدث في أرواح الاخرين . ظلي صلب يشبه الله في حنانه . أنا امرأة يعيش بداخلها الله والشيطان لكنني انسان . في ذلك الصيف، في ذلك الشتاء وعزلة الخريف الطائشة لم أتعرف على أي امرأ يحكم بالعدل .

 

 **


أنت ترسم موتك

 

ترسم موتك

فيسبقك لينحت الأشياء

التي تكشف عن نفسها بعذاب شديد

بينما تشعر أنت بالصيف يتنفس بمرارة

فوق أكتاف موتك الشاب

الأغصان تخدش المساء

والرائحة من كل الحدائق

التي من المحال أن تراها ثانية

تتسرب بصعوبة الى أعماقك

بينما تلك المقاعد في واحة المساء

تحلق مثل البجعات .

 

**


علبة السجائر الفارغة

 

أنظر نحو علبة السجائر الفارغة

التي تعيش في المساء حياة

أطول من حياة حبي

ذلك الحب المتحلل والمشوه

كالبكاء بالإكراه

حيث يصعب على نظرة مني

أن تحييه مرة ثانية .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قطرةُ حبر تتدلى من السماء \ نصوص الشاعر السويدي : لارس فورسيل \ ترجمة عن السويدية علي ذرب

نصوص فكتور يوهانسون .. طائر ينام في مظلة \ ترجمة عن السويدية علي ذرب

نصوص الشاعر السويدي بيتر نيبيرغ / ترجمة عن السويدية علي ذرب